Friday, March 03, 2006

بلادي المعاد اختراعها - تشيلي



ايزابيل الليندي تتذكر تشيلي في كتاب جديد
بلادي المعاد اختراعها
تأليف :ايزابيل الليندي



مؤلفة هذا الكتاب هي الروائية ايزابيل الليندي ابنة عم الزعيم التشيلي سلفادور الليندي الذي أسقطه الاميركان عن طريق انقلاب عسكري شهير عام 1973 ونصبوا محله الجنرال الفاشي بينوشيه وهو الانقلاب الذي نظمته المخابرات المركزية الاميركية السيئة الذكر وادى الى مصرع الزعيم الوطني الاشتراكي.


وقد اشتغلت ايزابيل الليندي في البداية كصحفية وكاتبة مسرحية بل وكاتبة قصص للأطفال في التشيلي في عام 1974 وبعدئذ هاجرت الى فنزويلا حيث عاشت حتى عام 1984 ومن المعلوم انها كانت قد ولدت عام 1942.


ثم ابتدأت تكتب الروايات للكبار عام 1982 عندما اصدرت الرواية التالية: بيت الارواح او بالاحرى بيت الأشباح وقد صدرت اولاً باللغة الاسبانية قبل ان تترجم الى اللغات الاخرى.وبعدئذ توالت رواياتها الواحدة بعد الاخرى ونالت شهرة عالية وترجمت الى الفرنسية والانجليزية ولغات اخرى نذكر من بينها: الخطة اللانهائية، ايفالونا، باولا، حكايات ايفالونا، عن الحب والظلال، بنت القدر، صورة عتيقة، أفروديت، الخ.


وفي هذا الكتاب الجديد تتحدث الكاتبة التشيلية الشهيرة عن طفولتها وشبابها الاول والاحوال السياسية في تشيلي وانقلاب عام 1977 بالطبع واشياء اخرى كثيرة.وقد استهلت كتابها بهذا المقطع من كتابات الشاعر الكبير بابلو نيرودا: لسبب او لآخر فأنا اعتبر نفسي منفياً حزيناً بشكل او بآخر فأنا اسافر من مكان الى مكان وفي داخلي تعيش بلاد بعيدة، هناك حيث ولدت لا تزال تعيش في البلاد هناك في البعيد البعيد لا تزال تعيش في داخلي الجواهر المستطيلة للوطن».


مؤلفة هذا الكتاب هي الروائية ايزابيل الليندي ابنة عم الزعيم التشيلي سلفادور الليندي الذي أسقطه الاميركان عن طريق انقلاب عسكري شهير عام 1973 ونصبوا محله الجنرال الفاشي بينوشيه وهو الانقلاب الذي نظمته المخابرات المركزية الاميركية السيئة الذكر وادى الى مصرع الزعيم الوطني الاشتراكي.


وقد اشتغلت ايزابيل الليندي في البداية كصحفية وكاتبة مسرحية بل وكاتبة قصص للأطفال في التشيلي في عام 1974 وبعدئذ هاجرت الى فنزويلا حيث عاشت حتى عام 1984 ومن المعلوم انها كانت قد ولدت عام 1942.


ثم ابتدأت تكتب الروايات للكبار عام 1982 عندما اصدرت الرواية التالية: بيت الارواح او بالاحرى بيت الأشباح وقد صدرت اولاً باللغة الاسبانية قبل ان تترجم الى اللغات الاخرى.وبعدئذ توالت رواياتها الواحدة بعد الاخرى ونالت شهرة عالية وترجمت الى الفرنسية والانجليزية ولغات اخرى نذكر من بينها: الخطة اللانهائية، ايفالونا، باولا، حكايات ايفالونا، عن الحب والظلال، بنت القدر، صورة عتيقة، أفروديت، الخ.


وفي هذا الكتاب الجديد تتحدث الكاتبة التشيلية الشهيرة عن طفولتها وشبابها الاول والاحوال السياسية في تشيلي وانقلاب عام 1977 بالطبع واشياء اخرى كثيرة.وقد استهلت كتابها بهذا المقطع من كتابات الشاعر الكبير بابلو نيرودا: لسبب او لآخر فأنا اعتبر نفسي منفياً حزيناً بشكل او بآخر فأنا اسافر من مكان الى مكان وفي داخلي تعيش بلاد بعيدة، هناك حيث ولدت لا تزال تعيش في البلاد هناك في البعيد البعيد لا تزال تعيش في داخلي الجواهر المستطيلة للوطن».


تستهل المؤلفة كتابها ذا النفس الشاعري النوستالجي (اي الحنيني) الحزين بفصل يحمل العنوان التالي: بضع كلمات لكي نبتدئ.. وفيه تقول ما معناه: لقد ولدت وسط دخان الحرب العالمية الثانية وكبرت اثناء الحرب الباردة حيث كنا مرعوبين من اندلاع الحرب الذرية بين القوتين الأعظم.


ثم كبرت في سانتياغو عاصمة تشيلي حيث لا يستطيع المرء التأمل في ذاته وانما تحاصره المراقبة الاجتماعية من كل الجهات.


نضرب على ذلك المثل التالي: في عواصم كبرى مثل بيونيس آيريس ونيويورك تعتبر استشارة الطبيب النفساني عملية روتينية، عادية ولكن في تشيلي يعتبرونك مجنوناً اذا ما قمت بذلك!


ولكن هذا الوضع تغير في السبعينيات بحلول عهد الثورة الجنسية وربما كانت هناك علاقة بين الامرين.. وفي عائلتي لا يلجأ احد الى الاطباء النفسانيين على الرغم من الحاجة الى ذلك فلم نكن نخاطر بالبوح بأسرارنا لأناس مجهولين حتى لو كانوا اطباء كنا نكتفي باستشارة رجال الدين اثناء الاعترافات السرية في الكنيسة او نحكي همومنا للعمات والجدات.


ثم تردف المؤلفة قائلة: لقد سافرت كثيراً وابتعدت عن جذوري مرات عديدة الى حد انه تشكلت عدة طبقات من الذاكرة لدي ولو سألني احدهم: من انت؟ من أين أتيت؟ لاجبته: من لا مكان، من اي مكان ولا مكان..


ولكن بعد ان تزوجت في ولاية كاليفورنيا من شخص اميركي وانجبت الاطفال بل واصبحت جدة مؤخراً ولي احفاد فإني سأقول: انا اميركية بالمعنى الواسع للكلمة: اي اميركية جنوبية وشمالية في آن معاً.


ثم ان ضربة (11) سبتمبر جعلتني اتعاطف مع الشعب الاميركي وأشعر بمحنته وقد حصلت الضربة في اليوم نفسه والشهر نفسه الذي حصل فيه الانقلاب على ابن عمي في التشيلي، وبالتالي فتاريخ (11) سبتمبر يحزنني مرتين: المرة الأولى عام 1973 والمرة الثانية عام 2001.


وفي المرة الأولى كانت اميركا، او اجهزة مخابراتها مع كيسنغر، هي المسئولة عن الجريمة وفي المرة الثانية كانت هي ضحيتها.


والآن بعد ان كبرت في السن أحسّ بالحاجة لأن أعود ادراجي الى الوراء وأتذكر مهد طفولتي وملعب صباي فلنبتدئ اذن منذ البداية: اي من تشيلي..


الكثير من الناس لا يعرفون اين تقع تشيلي فهي موجودة في طرف العالم، في نهاية الجغرافيا وقد تساءل احد كتابنا مرة: لماذا لا نبيع تشيلي لاحدهم ونشتري شيئاً ما بالقرب من باريس؟! تساؤل شاعري مجنون ورائع ربما ولكن البلاد لا تباع ولا تشترى ولا أحد خيروه اين ستكون بلاده عندما ولد.


تشيلي تقع في جنوب اميركا الجنوبية في طرفها الاقصى انها مؤلفة من ثلاثة آلاف وثلاثمئة كيلومتر من الجبال، والوديان والبحيرات والبحر وعلى هذا النحو يصورها شاعر التشيلي الاكبر بابلو نيرودا:


«الليل والثلج والرمل تصوغ الشكل


شكل وطني النحيل،


كل الصمت في خيطه الطويل،


وكل الزبد يخرج من لحيته البحرية


وكل الفحم يملؤه بالقبلات السرية».


ثم تتحدث المؤلفة عن الناس في تشيلي، والجغرافيا، والتاريخ، حتى تصل الى الاحداث الاساسية التي حسمت مصير حياتها: اي انقلاب 1973 الآثم ومقتل ابن عمها الزعيم الوطني سلفادور الليندي، وتنصيب الديكتاتور بينوشيه محله من قبل الـ (سي.آي.ايه).


تقول بالحرف الواحد: كان سلفادور الليندي ابن عم والدي وهذا يعني انه مثل عمي من حيث القرابة وليس ابن عمي في الواقع وكان الوحيد من عائلة الليندي الذي بقي على اتصال مع امي بعد ان هجرها والدي فالجميع اداروا ظهرهم لنا ما عداه.


وقد اتيح لي ان التقي به مرات عديدة اثناء رئاسته وعلى الرغم من اني لم اشتغل مع حكومته الا ان تلك السنوات الثلاث من عمر الوحدة الشعبية كانت اهم لحظات حياتي بالتأكيد.


ضمن المنظور الحالي يمكن القول بأن الماركسية ماتت كأيديولوجيا تحرك الجماهير ولكن في عهد الليندي كانت لا تزال حية واعتقد انه بقيت منها بقايا حتى بعد انهيار العالم الشيوعي وأهم ما بقي منها حس العدالة والمساواة.


وقد كان نظام الليندي يهدف الى اقامة نظام سياسي يقدم فرصة متساوية لجميع السكان ويؤدي الى خلق الانسان الجديد الذي لا يبحث عن مصلحته الشخصية فقط وانما عن المصلحة العامة ايضاً ان الانسان الذي لا يبحث عن تراكم الربح والمال الى ما لا نهاية انه الانسان الذي لا يعتبر امتلاك المال بمثابة ذروة القيم كما هو حاصل في المجتمعات الرأسمالية الغربية.


ثم تردف ايزابيل الليندي قائلة:


كنا مقتنعين آنذاك بأنه يمكن تغيير الناس عن طريق التوجيه العقائدي او حتى التدجين العقائدي وحشو رؤوسهم بأفكار معينة ولم نكن واعين الى ان اناساً آخرين وفي اماكن اخرى قاموا بنفس العملية وكانت النتيجة مشبوهة ان لم نقل كارثية واقصد بذلك التجربة الفاشية في ايطاليا، أو النازية في المانيا، او الستالينية في روسيا.


لم نكن قد لحظنا آنذاك العلائم المرهصة بانهيار الاتحاد السوفييتي والعالم الشيوعي كانت الايديولوجيا تقول لنا بأن اميركا والغرب والرأسمالية هي التي ستنهار وليس الشيوعية او الماركسية!


وكانت الجماهير التشيلية متحمسة للمشروع كانت في أغلبيتها مؤيدة لنا وتمشي وراء قائدها سلفادور الليندي.


ولكن لكي اعطي فكرة للقارئ الغربي عما حصل اثناء الانقلاب العسكري على سلفادور الليندي يكفي ان اقول ما يلي: ماذا ستكون مشاعر الانسان الاميركي او الانجليزي لو ان الجيش هجم على البيت الأبيض او قصر بكنغهام وقتل ألف شخص بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة أو ملكة انجلترا ورئيس وزرائها؟


هذا ما حصل بالضبط في تشيلي عام 1973 لقد كانت مجزرة حقيقية. يضاف الى ذلك ان الجنرال بينوشيه قائد الانقلاب ألغى البرلمان وعلق الحريات الفردية وحل الاحزاب السياسية وفرض رقابة رسمية صارمة على وسائل الاعلام.


ثم استقر في السلطة لفترة طويلة وراح يصفي خصومه السياسيين والايديولوجيين هذا ما حصل في تشيلي ذلك اليوم المشؤوم.


وهكذا انتهت التجربة الاشتراكية التشيلية بالدم والدموع وبشكل مأساوي حقيقي وراحت الزمرة العسكرية لبينوشيه تطبق سياسة الرأسمالية المتوحشة او الفوضوية ولم تكن تشيلي هي الحالة الوحيدة للأسف في اميركا اللاتينية فقد هيمنت الانظمة الديكتاتورية على البلدان الاخرى او معظمها في اميركا اللاتينية.


ففي عام 1975 كان نصف سكان اميركا اللاتينية على الأقل يعيشون في ظل أنظمة قمعية قليلاً أو كثيراً ومعظم هذه الانظمة كانت مدعومة من قبل الولايات المتحدة الاميركية.


فأميركا التي تطبق الديمقراطية وحقوق الانسان على اراضيها تسمح للطغاة بقمع شعوبهم في اماكن اخرى وبلاد اخرى حتى ولو كانت قريبة منها جغرافياً وعلى هذا النحو دعموا الديكتاتور بابادوك في هاييتي، وتروجيلو في جمهورية الدومينيكان، وسوموزا في نيكاراغوا.


ثم تردف المؤلفة قائلة: لقد انتهى الجزء الأول من حياتي بتاريخ (11) سبتمبر من عام 1973 ولم اكن اتوقع هذا المصير التراجيدي لعائلة الليندي لقد جاءنا الامر كمفاجأة والواقع ان من لم يقتل من عائلتنا لوحق وسجن أو هرب الى المنفى في الخارج اذا ما استطاع ولحسن الحظ فإن اخوتي كانوا في الخارج ولذلك لم يعودوا الى البلاد ولم يصبهم اذى


واما والدي فكانا سفيرين في بيونس آيريس بالارجنتين وقد بقيا هناك لفترة بعد حصول الانقلاب ثم هددوهم بالقتل فاضطروا الى الهرب واما عائلة أمي فقد كانت في أغلبيتها معادية لنظام الليندي والوحدة الشعبية وقد احتفلت بسقوطها وسكبت كؤوس الشمبانيا!! فالواقع ان جدي من جهة امي كان يكره الاشتراكية وينتظر بفارغ الصبر سقوط حكومة سلفادور الليندي ولكنه ما كان يرغب ان يحصل ذلك على حساب الديمقراطية والحرية.


ثم اخذ المثقفون والسياسيون يختفون الواحد بعد الآخر وبعضهم كان يعود الى بيته بعد بضعة اسابيع من الغياب وعلى وجهه وعينيه آثار التعذيب والبعض الآخر كان لا يعود ابداً ولم ير امرأته ولا أطفاله مرة ثانية.


والكثيرون كانوا يهربون الى الخارج، الى اي مكان: الى المكسيك، والمانيا، وفرنسا، وكندا، واسبانيا.


وانقسم التشيليون الى قسمين: قسم مؤيد للحكومة العسكرية، وقسم معارض وحصلت ظاهرة غريبة عندئذ هي ظاهرة الوشاية فقد اصبح الناس يشون ببعضهم البعض الى اجهزة المخابرات وكثيراً ما رأينا الاجهزة تنقض في جنح الظلام على هذا الشخص او ذاك وتقتاده الى اقبيتها السرية وعندئذ لم يعد أحد في المجتمع التشيلي يثق بأحد.


ثم تردف ايزابيل الليندي قائلة:


واصبح الخوف يلاحقني باستمرار وفي الليل عندما كنت انام كنت استيقظ مذعورة عندما اسمع ضجة سيارة في الشارع واقترابها من بيتنا ثم توقف محركها عن الدوران كنت اعتقد انهم جاؤوا لاعتقالي.


واحسست بأني مراقبة اكثر فأكثر وعندئذ فكرت في الهرب بعد ان ضاق الخناق علي وفي عام 1975 هربت الى فنزويلا بعد ان حملت معي حفنة من تراب التشيلي اخذتها من حديقة بيتنا ولا تزال ترافقني..


وبعد شهر من ذلك التاريخ لحق بي زوجي واطفالي الى كاراكاس عاصمة فنزويلا وشعرت بتأنيب الضمير لاني نجوت بنفسي وتركت الكثير من التشيليين فريسة للقمع والملاحقات البوليسية.


ولكن ما كنت اعتقد ان النظام العسكري سيدوم طويلاً كنت اعتقد ان العسكر سوف يعودون الى ثكناتهم بعد سنة او سنتين وان الامور ستعود الى مجاريها كما كانت ولكن النظام الديكتاتوري دام طويلاً وطويلاً وفي اثناء ذلك المنفى الطويل رحت اخترع بلاداً جديدة: هي تشيلي رحت احلم بها من جديد وبشكل جديد رحت احملها في اعماقي


وفي قلبي حتى قدر الله لي ان اعود إليها بعد سقوط نظام بينوشيه واشم هواءها لأول مرة بعد طول غياب فمن كان هذا الديكتاتور بينوشيه الذي حكم بلاده بالحديد والنار طيلة عشرين سنة؟ لماذا كان الناس يخافون منه؟ لماذا كانوا معجبين به؟


لا استطيع ان اجيب عن هذه الأسئلة بدقة لأني لم اتعرف عليه شخصياً ولم اعش في تشيلي اثناء حكمه ولكن من يريد التعرف على شخصية هذا الرجل فما عليه الا ان يقرأ روايات كاتبين مشهورين من كتاب اميركا اللاتينية هما: غابرييل غارسيا ماركيز وبخاصة «خريف البطريرك» ثم ماريو فارغاس يوسا وبخاصة: «حفلة التيس» ففيهما تصوير رائع للديكتاتور، اي ديكتاتور..


الكتاب: بلادي المعاد اختراعها


مذكرات


الناشر: هاربر بيرينيال ـ لندن 2003


الصفحات: 199 صفحة من القطع الصغير



My Invented Country




A Memoir




Isabel Allende




Harper Perennial - London 2003




P. 199

0 Comments:

Post a Comment

<< Home